هل خيانة الزوج ابتلاء

هل خيانة الزوج ابتلاء من الله؟ وما حكم خيانة الزوج لزوجته؟ وكيف للزوجة أن تتعامل مع خيانة زوجها؟ لا شك أن الخيانة من الأمور الهادمة للميثاق الغليظ، لكونها مُخلة به، فالحياة الزوجية من المفترض أن تقوم على المودة والرحمة والحماية والصون والعفاف.. فإن ذهبت تلك القيم في مهب الريح تكون العلاقة في هلاكها الحتميّ، أما عن خيانة الزوج لزوجته فيسعنا أن نتحدث عنها.

هل خيانة الزوج ابتلاء؟

هل خيانة الزوج ابتلاء

في حقيقة الأمر، إن الله يبتلي عباده بالخير والشر، ليختبر صبره ومدى إيمانه بالله تعالى، ومما لا شك فيه أن الخيانة من أنواع هذا الابتلاء.. فهي الشعور القاسي الذي لا يُمكن تحمله، شعورٌ بأن الدنيا هانت والنفس قد زهدت أجمل ما فيها.

هذا لا يعني أن تقبل الزوجة الخيانة من زوجها، وتقول إنه الأمر الواقع الذي حتم عليها ذلك، ففي ذلك إهدار لكرامتها، حيث إن الله قد أمر زوجها بحمايتها وصيانتها، كما أمرها أن تصون عرضه وشرفه.

بذلك علمنا إجابة سؤال هل خيانة الزوج ابتلاء على الزوجة؟ ولنا أن نعلم كيف للزوجة أن تتعامل مع مثل هذا الابتلاء.

إرشادات للزوجة للتعامل مع خيانة زوجها

لا شك أن الخيانة واردة في الأسر، حتى وإن كانت الأسباب واهية لكون الخيانة لا يُمكن تبريرها بأي حال، إلا أن مسألة حدوث الخيانة واردة في أغلب الأسر إلا من رحم ربي.. لذا على الزوجة التي ابتلاها الله في زوجها وقد خانها وتسبب لها في جرح غائر بقلبها ونفسها، أن تتبع ما يلي:

  • أن تدرك أبعاد تلك المشكلة في حياتها الزوجية، فإما أن تسعى إلى حلها أو تطلب الانفصال.
  • عليها ألا تتخلى عن أسلوبها القويم في معاملة زوجها ومحاوراتها معه، فإن كان هو مخطئًا خائنًا لا يجب أن توقع بنفسها في طائلة الخطأ.
  • من الأفضل أن تكون المرأة على يقين بأنه لا يوجد مشكلة إلا ولها من الحلول ما يتناسب معها، لذا عليها أن تطلب المساعدة إن وجدت نفسها حائرة.
  • محاولة أن تطرح الزوجة على نفسها بعض الأسباب التي من الممكن أن تجعل زوجها يخونها، ربما تكمُن تلك الأسباب فيها دون قصد منها، من هنا إن عملت على علاجها فتجد زوجها لها عائدًا نادمًا.
  • أن تكون الزوجة صالحة بحق كما أمرها الله، فتحاول أن تنصح زوجها بأن الخيانة لا تكون لها فحسب، إنما خيانة للعهد الذي عاهد الله عليه في حمايتها والمحافظة عليها، وتذكره بعاقبة الخيانة وأنها من معصية الخالق.
  • أهمية التأهيل النفسي للزوج، من خلال دعمه الروحي لكي يتقرب إلى الله ويستشعر فداحة ذنبه، ويدرك كم أن زوجته الصالحة لا تستحق تلك الخيانة منه.. فإن كان في قلبه ذرة من إيمان ورحمة سيعود إليها نادمًا وينوب إلى الله تائبًا.
  • على الزوجة أن تبذل جهدها في الدعاء، فتدعو الله في تضرع وخشوع بأن يسكن ألم قلبها وروحها وأن يهدي زوجها إليها.
  • أن تحتوي المرأة تلك المشكلة بقليل من الحكمة، ولا تدع للعاطفة سبيلًا في التحكم في انفعالاتها، فلا تفكر فيما ينقصها حتى يخونها، ولا تفكر فيما يزيد تلك المرأة عنها، فقط عليها ألا تقابل الخطأ بخطأ آخر.
  • ليس على الزوجة أن ترد على إهانة زوجها بإهمالها لبيتها وله، خاصة إن كان من نوع الرجال غير المبالي بعاقبة الأمور.

حكم خيانة الزوج لزوجته

علمنا الجواب الوافي على سؤال هل خيانة الزوج ابتلاء.. وهنا نذكر أن الخيانة تعتبر من قبيل الزنا، المنهيّ عنه في الشريعة والذي يعد من الكبائر.. ولا فرق هنا بين أنواع الخيانة.

فنعلم أن منها ما لا يتجاوز الخيانة الكلامية، إلا أننا نشير إلى أن مضمون الخيانة وما تنطوي عليه لا يتجزأ، سواء كانت كاملة لتصل إلى الزنا، أو كانت مجرد نظرة خائنة.

قال الله تعالى في سورة المؤمنون: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ“، فالخيانة لا تعد خيانة للزوجة فقط إنما إخلالًا بأحكام الله وأوامره.

كذلك قال رسولنا الكريم في رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: “ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ، قالَ أبو مُعاوِيَةَ: ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ” (صحيح البخاري).

فمن قبح فعل الخيانة جعلها الله من الكبائر، وهذا ما أجاز للزوجة إن أثبتت خيانة زوجها لها وتأكدت منها بدلائل بيّنة أن تهجره وتطلب الانفصال.. كما أن لها أن تتبع ما ذكرناه آنفًا من إرشادات ونصائح توجيهية، فلربما يحتاج إلى مد يد العون لإرشاده إلى صوابه ثانيةً.

فإن لم يستجب ولم ينصلح حاله فلتطلب الطلاق، أما إن تاب وعاد إليها ثانيةً نادمًا عما اقترف تائبًا إلى الله توبة نصوحة، فلها أن ترجع إليه وتعفو وتصفح، حيث إن خيانة الزوج ابتلاء والتعامل مع هذا الابتلاء يجب أن يكون في كنف من التأني والحكمة.

هل خيانة الزوجة لزوجها ابتلاء؟

كما تطرقنا إلى إجابة سؤال هل خيانة الزوج ابتلاء؟ يسعنا أن نشير إلى الشق الآخر من الموضوع، فهل خيانة الزوجة لزوجها تعد ابتلاءً له عليه أن يصبر عليه؟ هنا نذكر أن غيرة الرجل على محارمه مطلوبة في الشريعة وإلا كان ديوثًا.

فتلك الغيرة من كمال رجولته، كما أن الله تبارك وتعالى يبتلي المرء في أمور شتى، ربما يبتلي الرجل في زوجته وأولاده، قال الله تعالى في سورة الطلاق:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)”.

ففي الأصل العام إن شكر العبد ربه على النعمة كان له من الأجر أضعافًا، وإن صبر على المصائب كان له من الأجر أضعافًا مضاعفة، فإن لم يكن مقصرًا وقد قابلته زوجته بالخيانة، فذلك من جملة الابتلاء.

فإن عمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على هذا البلاء وستر فضيحتها وأبقاها ليطهرها من ذنبها على ذمته.. وقد استجابت وتابت وأنابت وتأكد من صحة توبتها، فله في ذلك أجر من الله عظيم، ويرفعه الله إلى أعلى الدرجات.

ذلك لأن مثل هذا التصرف من أصعب ما يُمكن أن يفعله رجل شعر بانتقاص رجولته جراء خيانة زوجته له.. إلا أن طبائع الرجال ليست واحدة، فمن الممكن ألا يطيق رجلًا الصبر على تلك المرأة الخائنة.. وهنا له أن يطلقها دون فضحها، فليتستر على فعلتها ويسأل لها الله الهداية والغفران.

إن الخيانة نوع من أنواع الابتلاء الذي يختبر فيها الله عباده ليرى مدى صبرهم على الأذى النفسي الناجم عنها، ومما لا شك فيه أن في ذلك الصبر تكفيرًا عن سيئاته.